فصل: التسمية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واجههم بآيات الله في هذا الأسلوب البسيط المؤثر العميق:
{إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون}.
وواجههم بها مرة أخرى في صورة نعم من أنعم الله عليهم يغفلون عن تذكرها وتدبرها:
{الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
كذلك واجههم بحالهم يوم القيامة الذي ينكرونه أو يمارون فيه:
{ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قومًا مجرمين وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنًا وما نحن بمستيقنين وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوًا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون}.
كذلك لم يدع أي لبس أوشك في عدالة الجزاء وفردية التبعة؛ فبين أن هذا الأصل عميق في تكوين الوجود كله. وعليه يقوم هذا الوجود. ذلك حين يقول:
{من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون}.
وحين يرد على من يحسبون وهم يجترحون السيئات أنهم عند الله كالمؤمنين الذين يعملون الصالحات. فيقول:
{وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون}.
والسورة كلها وحدة في علاج موضوعها؛ ولكننا قسمناها إلى درسين اثنين لتيسير عرضها وتفصيلها. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة الجاثية مكية نزلت بعد الدخان واياتها سبع وثلاثون آية.

.بين يدي السورة:

سورة الجاثية مكية. وقد تناولت العقيدة الإسلامية في إطارها الواسع الإيمان بالله تعالى. ووحدانيته. والإيمان بالقرآن. ونبوة محمد عليه السلام. والإيمان بالآخرة والبعث والجزاء ويكاد يكون المحور الذي تدور حو له السورة الكريمة. هو: إقامة الأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين.
تبتدئ السورة الكريمة بالحديث عن القرآن ومصدره. وهو الله العزيز في ملكه. الحكيم في خلقه. الذي أنزل كتابه المجيد رحمة بعباده. ليكون نبراسا مضيئاا. ينير للبشرية طريق السعادة والخير {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين} الآيات.
ثم ذكرت بعض الآيات الكونية المنبثة في هذا العالم الفسيح. ففي السموات البديعة آيات. وفي الأرض الفسيحة آيات. وفي خلق البشر وسائر الأنعام والمخلوقات آيات. وفي تعاقب الليل والنهار. وتسخير الرياح الأمطار آيات. وكلها شواهد ناطقة بعظمة الله وجلاله. وقدرته ووحدانيته. ثم تحدثت عن المجرمين المكذبين بالقرآن. الذين يسمعون آياته المنيرة. فلا يزدادون إلا استكبارا وطغيانا. وأنذرتهم بالعذاب الأليم. في دركات الجحيم {ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها} الآيات.
وتحدثت السورة عن نعم الله الجليلة على عباده ليشكروه. ويتفكروا في آلائه التي أسبغها عليهم. ويعلموا أن الله وحده هو مصدر هذه النعم الظاهرة والباطنة. وإنه لا خالق ولا رازق إلا الله {الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون} الآيات.
وتحدثت عن إكرام الله لبني إسرائيل بأنواع التكريم. ومقابلتهم ذلك الفضل والإحسان. بالجحود والعصيان. وذكرت موقف الطغاة المجرمين من دعوة الرسل الكرام. وبينت أنه لا يتساوى في عدل الله وحكمته. أن يجعل المجرمين كالمحسنين. ولا أن يجعل الأشرار كالأبرار. ثم بينت سبب ضلال المشركين. وهو إجرامهم واتخاذهم الهوى إلها ومعبودا حتى طمست بصيرتهم فلم يهتدوا إلى الحق أبدا {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم} الآيات.
وختمت السورة بذكر الجزاء العادل يوم الدين. حيث تنقسم الإنسانية إلى فريقين: فريق في الجنة. وفريق في السعير {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين} الآيات إلى نهاية السورة الكريمة.

.التسمية:

سميت سورة الجاثية للأهوال التي يلقاها الناس يوم الحساب. حيث تجثوالخلائق من الفزع على الركب في انتظار الحساب. ويغشى الناس من الأهوال ما لا يخطر على البال {وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون} وحقا إنه ليوم رهيب. يشيب له الو لدان.!!. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة الجاثية مكية ونظيرتها في غير الكوفي المطففون ولا نظير لها فيه.
وكلمها أربعمائة وثمان وثمانون كلمة.
وحروفها ألفان ومائة وأحد وتسعون حرفا.
وهي ثلاثون وسبع آيات في الكوفي وست في عدد الباقين.
اختلافها آية {حم} عدها الكوفي ولم يعدها الباقون وليس فيها مما يشبه الفواصل شيء.

.ورءوس الاي:

1- {الحكيم}.
2- {للمؤمنين}.
3- {يوقنون}.
4- {يعقلون}.
5- {يؤمنون}.
6- {أثيم}.
7- {أليم}.
8- {مهين}.
9- {عظيم}.
10- {أليم}.
11- {تشكرون}.
12- {يتفكرون}.
13- {يكسبون}.
14- {ترجعون}.
15- {العالمين}.
16- {يختلفون}.
17- {لا يعلمون}.
18- {المتقين}.
19- {يوقنون}.
20- {يحكمون}.
21- {لا يظلمون}.
22- {تذكرون}.
23- {يظنون}.
24- {صادقين}.
25- {لا يعلمون}.
26- {المبطلون}.
27- {تعملون}.
28- {تعملون}.
29- {المبين}.
30- {مجرمين}.
31- {بمستيقنين}.
32- {يستهزئون}.
33- {ناصرين}.
34- {يستعتبون}.
35- {العالمين}.
36- {الحكيم}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الجاثية:
لآيات: أي لعبرا. يبث: أي يفرق وينشر. اختلاف الليل والنهار: أي تعاقبهما ليل بعد نهار ونهار بعد ليل. من رزق. أي من مطر. وسمى بذلك لأنه سبب له. وتصريف الرياح: أي تغييرها من جهة إلى أخرى. ومن حال إلى حال.
الأفاك: كثير الإفك والكذب. والأثيم: كثير الإثم والمعاصي. والإصرار على الشيء: ملازمته. من ورائهم: أي من بعد اجالهم. يغنى: أي يدفع. أولياء:
أي أصناما. والرجز: أشد العذاب.
سخر: هيأ. الفلك: السفينة. والابتغاء: الطلب. يغفر: أي يعفو ويصفح. لا يرجون: أي لا يتوقعون حصو لها. وأيام اللّه: وقائعه بأعداء دينه كما يقال لوقائع العرب أيام العرب. والقوم هم المؤمنون الغافرون.
الكتاب: المراد به الكتب التي نزلت على أنبيائهم. الحكم: الفصل بين الناس في الخصومات. لأنهم كانوا ملوكا. بينات من الأمر: أي دلائل واضحات في أمر الدين. ويندرج فيها معجزات موسى عليه السلام. بغيا: أي حسدا وعنادا. على شريعة من الأمر: أي على طريقة ومنهاج في أمر الدين. وأصل الشريعة مورد الماء في الأنهار ونحوها. وشريعة الدين يرد منها الناس إلى رحمة اللّه والقرب منه. بصائر للناس: أي معالم للدين بمنزلة البصائر في القلوب.
الاجتراح: الاكتساب. ومنه الجارحة للأعضاء التي يكتسب بها كالأيدى. والمراد بالسيئات: سيئات الكفر والإشراك باللّه.
جاثية: أي باركة على الركب مستوفزة. وهى هيئة المذنب الخائف المنتظر ما يكره. إلى كتابها: أي إلى صحيفة أعمالها التي كتبها الحفظة لتحاسب على ما قيّد فيها. ينطق:
أي يشهد. نستنسخ: أي نجعل الملائكة تكتب وتنسخ.
فى رحمته: أي في جنته. الفوز: هو الظفر بالبغية. المبين: أي الظاهر أنه لا فوز وراءه. آياتي: أي آيات كتبى التي جاءت في الشرائع السماوية. وعد اللّه: أي بأنه محيى الموتى من قبورهم. بمستيقنين: أي بمتحققين. وبدا: أي ظهر. سيئات ما عملوا:
أي عقوباتها. وحاق: أي حل. ننساكم. أي نترككم. نسيتم: أي تركتم. آيات اللّه:
أي حججه. غرتكم: أي خدعتكم. الحياة الدنيا: أي زينتها. يستعتبون: أي يطلب منهم العتبى بالتوبة من ذنوبهم. والأنابة إلى ربهم. الكبرياء: العظمة والسلطان. اهـ. باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

سورة الجاثية:
وهي مكية.
1- من ذلك قوله جل وعز: {إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين} (آية 3) والمعنى إن في خلق السموات والأرض ودل عليه قوله: {وفي خلقكم وما يبث من دابة} (آية 4) وكل ما فيه الروح فهو دابة.
2- وقوله جل وعز: {وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون} (آية 5) قال قتادة إن شاء جعلها رحمة وإن شاء جعلها عذابا.
3- وقوله جل وعز: {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون} (آية 6) أي بعد قرأن الله كما قال تعالى: {واسأل القرية}.
4- وقوله جل وعز: {ويل لكل أفاك أثيم} (آية 7) الأفاك الكذاب.
5- وقوله جل وعز: {وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه} (آية 13).
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال منه النور ومنه الشمس ومنه القمر ويقرأ (جميعا منة) بمعنى من به منة ويقرأ (منة) بمعنى ذلك منة ويجوز (منه) على أنه مصدر كما قال تعالى: {صنع الله}.
6- وقوله جل وعز: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} (آية 14) قال مجاهد أي لا يبالون نعم الله أي لا يعلمون أنه أنعم بها عليهم كما قال تعالى: {وذكرهم بأيام الله} قال أبو جعفر يجوز أن يكون المعنى لا يرجون البعث أي لا يؤمنون به وقال قتادة هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
7- وقوله جل وعز: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون} (آية 18) روى سعيد عن قتادة قال الشريعة الفرائض والحدود والأمر والنهي قال أبو جعفر الشريعة في اللغة المذهب والملة ومنه شرع فلان في كذا ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد فالشريعة ما شرع الله لعباده من الدين والجمع الشرائع أي المذاهب.
8- وقوله جل وعز: {هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون} (آية 20) أي هذا القرآن.
9- وقوله جل وعز: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} (آية 21) {اجترحوا السيئات} أي كسبوا السيئات ومنه {ويعلم ما جرحتم بالنهار} ومنه الجوارح أي الكواسب.